responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 132
أَنْتُمْ أَيْضًا لَهُمْ إِذَا حَارَبْتُمُوهُمْ وَقَاتِلُوهُمْ بِنَظِيرِ مَا يَفْعَلُونَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِذَا كَانَتِ الْبُدَاءَةُ مِنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ [الْبَقَرَةِ: 194] وَقَالَ تَعَالَى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ [البقرة: 191] الآية.
وَهَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ حِصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ وَاسْتِصْحَابِهِ الْحِصَارَ إِلَى أَنْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قِتَالِ هَوَازِنَ وَأَحْلَافِهَا مِنْ ثَقِيفٍ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا الْقِتَالَ وَجَمَعُوا الرِّجَالَ وَدَعَوْا إلى الحرب والنزال فعندها قَصَدَهُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمَّا تَحَصَّنُوا بِالطَّائِفِ ذَهَبَ إِلَيْهِمْ لِيُنْزِلَهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ فَنَالُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلُوا جَمَاعَةً، وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ بِالْمَجَانِيقِ وَغَيْرِهَا قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ وَدَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ فَاسْتَمَرَّ فِيهِ أَيَّامًا ثُمَّ قَفَلَ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لا يغتفر في الابتداء، وهذا أَمْرٌ مُقَرَّرٌ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ واللَّهُ أَعْلَمُ، وَلْنَذْكُرِ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حَرَّرْنَا ذلك في السيرة والله أعلم.

[سورة التوبة (9) : آية 37]
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (37)
هَذَا مِمَّا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ فِي شَرْعِ اللَّهِ بِآرَائِهِمُ الْفَاسِدَةِ، وَتَغْيِيرِهِمْ أَحْكَامَ اللَّهِ بِأَهْوَائِهِمُ الْبَارِدَةِ، وَتَحْلِيلِهِمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَتَحْرِيمِهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، فَإِنَّهُمْ كَانَ فِيهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ وَالشَّهَامَةِ وَالْحَمِيَّةِ مَا اسْتَطَالُوا بِهِ مُدَّةَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ فِي التَّحْرِيمِ الْمَانِعِ لَهُمْ مِنْ قضاء أو طارهم مِنْ قِتَالِ أَعْدَائِهِمْ، فَكَانُوا قَدْ أَحْدَثُوا قَبْلَ الإسلام بمدة تحليل المحرم فأخروه إِلَى صَفَرٍ فَيُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الشَّهْرَ الحلال ليواطئوا عدة ما حرم الله الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا قَالَ شَاعِرُهُمْ وَهُوَ عُمَيْرُ بن قيس المعروف بجذل الطعان: [الوافر]
لقد علمت معدّ بأن قَوْمِي ... كِرَامُ النَّاسِ أَنَّ لَهُمْ كِرَامًا «1»
أَلَسْنَا النَّاسِئِينَ عَلَى مَعَدٍّ ... شُهُورَ الْحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرَامًا
فَأَيُّ النَّاسِ لَمْ نُدْرِكَ بِوِتْرٍ ... وَأَيُّ النَّاسِ لم نعلك لجاما
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ قَالَ النَّسِيءُ أَنَّ جُنَادَةَ بْنَ عَوْفِ بْنِ أُمَيَّةَ الْكِنَانِيَّ كَانَ يُوَافِي الْمَوْسِمَ فِي كُلِّ عَامٍ وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا ثُمَامَةَ فَيُنَادِي ألا إن أبا ثمامة لا يجاب وَلَا يُعَابُ أَلَا وَإِنَّ صَفَرَ الْعَامَ الْأَوَّلَ العام حلال فيحله للناس

(1) الأبيات في سيرة ابن هشام 1/ 45، والبيت الثاني لعمير الطعان في لسان العرب (نسأ) ، وتهذيب اللغة 13/ 83، وتاج العروس (نسأ) ، ومعجم الشعراء ص 243، وبلا نسبة في تاج العروس (قلمس) .
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست